روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | الجهل بالدين...يغتال براءة الأطفال

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > الجهل بالدين...يغتال براءة الأطفال


  الجهل بالدين...يغتال براءة الأطفال
     عدد مرات المشاهدة: 2540        عدد مرات الإرسال: 0

لم تعد الفتاوى المتشددة والمخالفة لصحيح الدين الإسلامى وقفا على تكفير الآخرين أو إستباحة دماء وأموال وأعراض الأبرياء وقتل السائحين والمخالفين فى الرأي.

وفى زمن التطرف والفتنة شاع لون آخر من ألوان التطرف وبرزت فتاوى عديدة تحرم التطعيم ضد شلل الأطفال تحت دعوى انه تغيير لخلق الله وإعتراض على مشيئنه وإرادته!!

ووصل الشطط مبلغ حده حين أفتى هؤلاء بوجوب مقاومة ومهاجمة الحملات الطبية للتطعيم ضد شلل الأطفال فى باكستان وعدد من الدول الإفريقية.

وهو ما دفع الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية إلى الإستغاثة بالأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية ومجمع الفقه ومنظمة التعاون الإسلامى للتصدى لتلك الفتاوى المتشددة التى تغتال براءة وصحة الأطفال فى ثلاث دول إسلامية هى باكستان وأفغانستان والصومال، ودولة إفريقية أخرى هى نيجيريا.

وجاء البيان الذى صدر فى ختام إجتماعات الفريق التشاورى الإسلامي، الذى يمثل مختلف مدارس الفقه والفكر الإسلامي، والذى عقد بمدينة جدة على مدى يومين بمشاركة وفد رفيع المستوى من الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية برئاسة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، ليؤكد بطلان الفتاوى التى تحرم التطعيم ضد شلل الأطفال، ووجوب التصدى للجماعات الإرهابية التى تمنع وصول القوافل الطبية إلى أطفال باكستان والصومال وأفغانستان.

مؤكدين أن الحماية من الأمراض واجبة ومقبولة وفقا للشريعة الإسلامية، وأن أى أعمال لا تدعم هذه التدابير الوقائية وتتسبب فى أضرار للإنسان تعد منافية للإسلام.

وإعتمد الفريق فى ختام أعماله، أمس الأول، خطة عمل لمدة 6 أشهر يتم فيها التركيز على تقديم الدعم لباكستان والصومال، وهما البلدان اللذان يوجد فيهما أكبر عدد من الأطفال المصابين بالعجز الناجم عن شلل الأطفال.

وإعتمد العلماء فى -إعلان جدة- الذى صدر فى ختام الإجتماعات، خطة عمل مركزة لمدة ستة أشهر تستهدف مواجهة التحديات الصعبة التى تواجه جهود إستئصال شلل الأطفال فى الأجزاء القليلة المتبقية من العالم الإسلامى المتوطن فيها شلل الأطفال والتى تتمثل فى فرض حظر على اللقاحات وعدم الوصول إلى الأطفال فى بعض المناطق، والهجمات الفتاكة على العاملين فى مجال الصحة، والمفاهيم المجتمعية الخاطئة حول حملات التطعيم واسعة النطاق.

وقرر الأزهر الشريف ومجمع الفقه الإسلامى الدولى والبنك الإسلامى للتنمية ومنظمة التعاون الإسلامى المشاركة فى القوافل الطبية مع العاملين فى المجال الصحى للتطعيم ضد شلل الأطفال بتلك الدول.

ونددت القيادات الدينية البارزة بأعمال العنف الممارسة ضد العاملين فى المجال الصحى المشاركين فى حملات التطعيم ضد شلل الأطفال مشيرين إلى أن هذا العنف تسبب فى حدوث ضرر دائم للأطفال والمجتمعات.

¤ مشاركة أزهرية فى القوافل الطبية:

من جانبه أعلن الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، مساندة الأزهر لحملات التطعيم ضد شلل الأطفال لموافقته لمقاصد الشريعة الإسلامية، وتشكيل حملات للتوعية بالمناطق الموبوءة تتكون من الأطباء المتخصصين، وفى صحبتهم شيوخ وعلماء من الأزهر للمشاركة فى التوعية بضرورة التطعيم ضد هذا المرض، ودحض الإعتقادات الفاسدة التى تعوق ذلك، والتصدى لحملات التشكيك التى تتعرض لها منظمة الصحة العالمية وجهودها الخاصة بحملات التطعيم ضد مرض شلل الأطفال بمزاعم لم يثبت العلم صحتها وكذّبها الواقع، ما أدى إلى إنتشار المرض فى بعض الدول الإسلامية.د

وأشار إلى أن التقارير التى تأتى للأزهر من المؤسسات والمنظمات المعنية بهذا الأمر تشير إلى أن السبب الرئيسى فى إنتشار هذه الأفكار فى بعض المجتمعات الإسلامية هو الجهل من البعض ورفض التطعيم خوفا من الإصابة بالعقم، وكذلك ما يشاع حول إستغلال حملات التطعيم ضد شلل الأطفال وغيرها من أعمال القوافل الإنسانية فى غير الغرض الإنسانى الذى خصصت له مطالبا القائمين عليها خاصة منظمة الصحة العالمية بأخذ التدابير اللازمة لمنع المندسين بين صفوفها للقيام بأعمال غير مشروعة كالتخابر وجمع المعلومات والتبشير وغير ذلك من الأعمال التى تضر بمصداقية هذه الحملات وتسهم بقدر كبير فى الترويج لهذه الفتاوى الباطلة المحرمة للتطعيم.

كما إستنكر الأعمال الإجرامية التى تتعرض لها القوافل الطبية من قبل متشددين لا يفقهون شيئا فى أمور الدين، وأن مقاومة التطعيم الآمن ضد مرض شلل الأطفال والإفتاء بتحريمه يعد نوعا من أنواع الإعتداء الموجب للعقاب شرعا بقدر الضرر المترتب عليه.

¤ مشاركة دار الإفتاء:

دار الإفتاء المصرية التى شاركت فى أعمال الإجتماع الأول للفريق التشاورى الإسلامى العالمى لإستئصال شلل الأطفال، أكدت أن تطعيم الأبناء والبنات ضد المرض واجب شرعى على الآباء والأمهات لا يجوز لهم التفريط فيه، لأن فيه إستنقاذًا لحياتهم وحماية لصحتهم، وكفى بالإمتناع عن ذلك إثما وتضييعًا للأمانة، فإن فى ترك التطعيم تعريضًا للإصابة بهذا المرض الفتاك، والنبى صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ»، ولا شك أن وزر إصابة الأطفال بهذا المرض ينال أصحاب الفتاوى المضللة التى تحرم التطعيم.

وأشار الدكتور محمد وسام خضر، مدير إدارة الفتوى المكتوبة وعضو الفريق التشاوري، أن المشاركة فى الوقاية والقضاء على شلل الأطفال وغيره من الأوبئة الفتاكة هو واجب شرعى على كل من يستطيعه، وهو من أنبل الأعمال وأكثرها ثوابًا عند الله تعالي، لأنه فيه حماية للطفولة، وحفاظًا على صحتها، وإحياءً للنفوس، والتفرغ له نوع مِن الجهاد فى سبيل الله، والنبى صلى الله عليه وآله وسلم يجعل السعيَ على الضعفاء جهادًا، فيقول فيما رواه الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة رضى الله عنه: «السَّاعِى عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللهِ، وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ»، فكيف بمن يجعل شغلَه الشاغل التصديَ للأمراض الفتاكة ويتحمل فى سبيل ذلك المصاعب والمشاق.

كما إستنكر فتاوى تحريم التطعيم التى تتناول هذه المسائل بغير هدى من الله، ولا تعدو أن تكون كذبًا على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قائلًا لأصحابها: إتقوا الله فى الطفولة، فلقد سئمنا تلك الصورة الشوهاء التى يحاول البعض رسمَها عن الإسلام ونبى الإسلام ظلمًا أو جهلًا فى وأد الطفولة والإضرار بها، إلى الدرجة التى يُنسَب فيها إلى الشريعة وجوب ترك هذا الوباء يستشرى بين الأطفال إهلاكًا وتشويهًا، مع أن السنة النبوية قد بلغت الغاية والسمو فى رعاية الأطفال والرحمة بهم وحمايتهم، حتى رأينا الطفولة ترجئ الأحكام وتوقفها فى كثير من الأحوال، رعاية لضعفها، وتوفيرًا لحاجتها.

¤ مهاجمة القوافل الطبية حرام:

وندد الدكتور خضر بالأعمال الإجرامية التى يُقتل فيها موظفو المنظمات الصحية العالمية مع تحملهم المشاق فى سبيل حماية الأطفال من الأمراض، موضحا أن الشرع يعطى أجر الشهيد لجالب الطعام إلى أمصار المسلمين، وذلك لما رُوِيَ عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم مِن قوله: «مَن جلبَ طعامًا إلى مصرٍ مِن أمصارِ المسلمينَ كانَ له أجرُ شهيدٍ»، فكيف بمن يسعون فى حماية الناس من الأمراض الفتاكة والأوبئة القاتلة بجلب الأدوية والأمصال إليهم فى مختلف الأمصار، معرضين أنفسهم للمخاطر والهلكة.

تحقيق: د. هالة أحمد زكى وإبراهيم عمران ومروة البشير.

المصدر: جريدة الأهرام اليومي.